البغدادي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نومه وانتباهه

اذهب الى الأسفل

هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نومه وانتباهه Empty هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نومه وانتباهه

مُساهمة من طرف البلام الثلاثاء نوفمبر 18, 2008 12:44 am


مهما بلغ الإنسان من القوّة والنشاط فلابدّ له أن يأوي إلى فراشه أخيراً ،
وهذه ضرورةٌ لا يمكن الاستغناء عنها ، فالنوم فرصةٌ تتيح للجسد الراحة
والاسترخاء ، وللفكر أن يبتعد قليلاً عن مطارق الهواجس والخواطر التي ترهق
العقل وتشغل البال ، وهو السكون الذي امتنّ الله به على عباده في قوله
تعالى : { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } ( يونس : 67 ) وقوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا } ( الفرقان : 47 ) .



وجوانب القدوة والأسوة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – امتدّت لتشمل
هديه في نومه واستيقاظه ، فقد أحاط عليه الصلاة والسلام هذه الحاجة
الإنسانية بجملة من الآداب ، ورتّب عليها عددا من الأحكام .



وفي هذه الآداب وتلك الأحكام يظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على
ربط المسلم بخالقه في كل الأحوال ، فعندما كان عليه الصلاة والسلام يريد
أن يعطي جسده حقه من الراحة بعد عناء نهار طويل يستحضر عظمة الله ،
ويستذكر جملة النعم التي أنعم الله بها عليه في يومه وليلته ، ويظهر ذلك
من قوله عليه الصلاة والسلام عندما يأوي إلى فراشه ( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) رواه مسلم فهي ألوانٌ من النعم المستوجبة للحمد والشكر لمعطيها ومانحها .



وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم – إذا أسلم النفس لراحتها ذكَّرها بأن
أمرها أولاً وآخراً بيد بارئها لا بيد أحدٍ غيره، فيقول داعياً: (
اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة
إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك
الذي أرسلت )
متفق عليه ، وقد علّم النبي عليه الصلاة والسلام
البراء بن عازب رضي الله عنه هذا الدعاء وأمره أن يجعله آخر ما يتكلّم به
، وبشّر قائلها أن من مات على تلك الحال بأنه يموت على الفطرة كما جاء في
نص الحديث .



وفي هذا الدعاء بيان للحال الذي على المسلم أن يكون عليها وهو على فراش
نومه ، إنه حال الاستسلام والتسليم إلى خالق النفس وبارئها، وقريب من هذا
الدعاء دعائه - صلى الله عليه وسلم - على تلك الحال بقوله : (باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) متفق عليه.



وهناك العديد من الأذكار والأدعية التي جاءت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل النوم ، منها قوله : ( اللهم اغفر لي ذنبي ، وأخسئ شيطاني ، وفك رهاني ، واجعلني في الندي الأعلى ) كما ثبت في سنن أبي داود .



ومن الأدعية الواردة كذلك عند النوم ، قوله – صلى الله عليه وسلم –:
( اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق
الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك من شر كل شيء
أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك
شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا
الدين وأغننا من الفقر ) رواه مسلم .



كذلك كان من هديه - صلى الله عليه وسلم – بعد الوضوء والاستعداد للنوم أن
يجمع كفيه ، وينفث فيهما قارئاً سور الإخلاص والمعوّذتين ، ثم يمسح بكفّيه
ما وصل إليه من جسده ، وبعد ذلك يضع يده تحت خده الأيمن ثم يدعو ثلاث
مرّات : ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) رواه أبو داود وأحمد .



وفي سياق أحاديث نبويّةٍ أخرى ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قراءة
سور أخرى من القرآن الكريم ، كسورة الملك وسورة السجدة ، وسورة الإسراء
والزمر ، وآخر آيتين من سورة البقرة ، و"المسبّحات" وهي سور الحديد والحشر
، والصف والجمعة ، والتغابن و الأعلى .



ومن الأذكار الواردة كذلك التسبيح والتكبير والتحميد ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً وفاطمة رضي الله عنهما إذا جلسا على الفراش أن يكبّرا أربعا وثلاثين ، ويسبحا ثلاثا وثلاثين ، ويحمدا ثلاثا وثلاثين ، متفق عليه .



وفي المقابل جاء النهي عن النوم في أوضاعٍ معيّنة لمشابهتها لأحوال
المعذّبين يوم القيامة ، ومن ذلك النوم على البطن ، فقد رأى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال : ( إن هذه ضجعة لا يحبها الله ) رواه الترمذي ، وفي رواية ابن ماجة : ( إنما هذه ضجعة أهل النار ) .



وأرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – الناس إلى بعض التدابير الاحتياطيّة
قبل الذهاب إلى النوم ، من إطفاء السرج وإغلاق الآنية وإخماد النيران ،
حمايةً للبيوت من خطر بعض الهوام والحيوانات الصغيرة التي قد تعبث بمتاع
الناس أو تكون سبباً في اشتعال الحرائق ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون ) متفق عليه ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( أغلقوا
الباب ، وأوكئوا السقاء ، وأكفئوا الإناء أو خمّروا الإناء – أي : قوموا
بتغطيته - ، وأطفئوا المصباح ؛ فإن الشيطان لا يفتح غلقا – أي بابا مغلقا
- ولا يحلّ وكاء ، ولا يكشف آنية ، وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم)
رواه الترمذي ،ويقصد بالفويسقة الفأرة .



ومن هذه التدابير الواقية التي جاء الأمر بها : غسل اليدين قبل النوم إذا
كان بهما شيءٌ من بقايا الطعام ، ويؤكّد النبي – صلى الله عليه وسلم - على
ذلك بقوله: ( من نام وبيده غمر – أي دسومة وشحم - قبل أن يغسله فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه ) رواه البخاري في الأدب المفرد .



وإذا استيقظ الإنسان أثناء نومه فزعاً ، فعليه أن يقول : ( أعوذ بكلمات الله التامات ، من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) كما ثبت بذلك الحديث في مسند الإمام أحمد .



ومن خصوصيّات النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كانت تنام عينه ولا ينام
قلبه ، وذلك لحضور قلبه ودوام استشعاره عليه الصلاة والسلام لعظمة خالقه
وبارئه .



أما حاله - صلى الله عليه وسلم – عند الاستيقاظ من النوم فكان كحاله قبله
، دوام ذكرٍ ومزيد شكرٍ للخالق سبحانه وتعالى على نعمة الحياة بعد الممات
، فكان يقول : ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) رواه أبوداود .



ولما كان من طبيعة النائم عدم التحكّم في تصرّفاته جاء الأمر بغسل اليدين
قبل الوضوء أو استخدام الآنية لإزالة ما قد يكون أصابها من نجاسة حال
النوم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه ؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) متفق عليه .



ومن السنّة أيضاً نوم القيلولة ، وهو الاستراحة في نصف النهار ، وذلك في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ) رواه الطبراني .



وبعد : فهذه إشراقةٌ من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في نومه ويقظته
، جاءت لتؤكّد أن حياته عليه الصلاة والسلام لم تخلُ في لحظة من لحظاتها ،
أو حالة من حالاتها ، من ذكر الله سبحانه وتعالى ، والتعلّق به ، وتفويض
الأمر إليه .















..............................................................
البلام
البلام

عدد الرسائل : 20
تاريخ التسجيل : 06/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى